من اقتصاد حر الى عولمة المؤسسات..جذور لنهاية الدولة ام حتمية التحول
- وعة حنان
- Apr 11, 2018
- 3 min read

عرف ابن خلدون الدولة في كتابه المقدمة على انها "كائن حي له طبيعته الخاصة به، ويحكمها قانون السببية، وهي مؤسسة بشرية طبيعية وضرورية، وهي أيضًا وحدة سياسية واجتماعية لا يمكن أن تقوم الحضارة إلاَّ بها".وبحسب نظريته فان الدولة لم تكن ظاهرة مفاجئة او فقط لمدة زمنية مؤقتة بل كانت على اساس تراكم ظواهر اجتماعية و احداث التي ادت الى حتمية انشاء الدولة و التي يمكن للشعب او المجتمع من الالتزام و ضبطه و تسيير شؤونه بأحسن وجه.
كما هو الحال في بادئ الامر كان على الفرد التعامل مع الدولة و اجهزتها وقوانينها الان اصبح عليه ان يتأقلم مع هذه التغيرات خاصة من الجانب الاقتصادي الذي اصبح يفرض نفسه على الجانب السياسي اي الدولة و الحكومة فان التحولات و الاتجاهات التي يشهدها العالم احدثت تقلبا فريدا كما ذكر سابقا في تقرير لمجلس الاستخبارات الوطني في الولايات المتحدة بعنوان "عوالم بديلة"، حيث تضمن سيناريوهات لـ"كيف سيبدو العالم بعد جيل من الآن" ،فان العالم الذي يلقى نجاحا و تطورا كان احد اسبابه البيئة و كيفية تلائم قطاعين الخاص و العام فيما بينهم بصورة تشارك و تعاون وانشاء مناطق خاصة بهم ك"منطقة اقتصادية خاصة" تتواجد بها فقط شركات و مؤسسات تجارية و صناعية.
فهذا لا يعني اختفاء دور الدولة في الامر بل على شكل تشريفي تلتزم فقط ببعض الاوامر و ضبط و قوانين كمراقب لتسيير النظام وهذا ماهو حاصل في الدول المتقدمة كالصين والمانيا وكندا وغيرها.اما بالنسبة على المستوى العربي و الاسلامي فنجد ان دبي وماليزيا وتركيا قد سبقت في انشاء مناطق اقتصادية خاصة مختلفة مجالات وكذلك الاردن،الا ان السعودية لا تزال تدرس الوضع في امكانية تطبيقه على ارض الواقع،هذه طبقات معقدة من السلطات الإقليمية والدولية القانونية والتجارية تسير جنبا إلى جنب مع ثاني أكبر الاتجاهات السياسية في هذا العصر وهو التفويض.
فعلى الاغلب فان مقاطعات مثل سكوتلندا و ويلز في المملكة المتحدة، كاتالونيا في أسبانيا، كولومبيا البريطانية في كندا، استرالية الغربية وغالبا كل مقاطعة هندية كبرى، جميعهم يبحثون عن استقلال مالي وسياسي عن عواصمهم الوطنية.فهذا ربما تظهر خريطة العالم قرابة ال200 دولة، إلا أن السلطات الفاعلة والمؤثرة قد تزيد عن ذلك الرقم بمائة أخرى على الأقل. تبعات ذلك أننا يجب أن نتجاوز التفكير خلال نطاق الدول واضحة التعريف، إلى التفكير في دمج سكان العالم الآخذ في التحضر بسرعة في الأسواق الدولية والإقليمية. وهذا سيكون حلا حقيقيا في الحد من الفقر وتحسين فرص الحصول على السلع والخدمات الأساسية ورفع مستوى الحياة عموما لدى المواطنين، بخلاف محاولة توسيط الحكومات المركزية في حل كل تلك المشاكل.
فمثل هذه المجتمعات هي افضل من تلك المجتمعات المعزولة و المنفصلة وهذا ما يقلص من حدة النزاعات و التطرف و بإمكانها التواصل فيما بينها ومما يجعل من الدول من ان تنشا طرق وسكك حديدية و خطوط تجارية و توصيل كابلات الانترنت وأنابيب الغاز والبترول وتعزيز الاستثمار وفرص العمل.
كما هو الحال في بوروندي، كينيا، رواندا، تنزانيا وأوغندا شكلوا مجتمعا في شرق أفريقيا لتنسيق كل شيء من الجمارك إلى عروض الاستثمار لحفظ السلام. إذا أصبح بإمكانهم الاستفادة من البنية التحتية التي بنتها الصين في تلك البلدان للتغلب على الحدود السياسية التعسفية التي خطها الاستعمار، فإنهم سيكونوا شبيه الاتحاد الأوروبي بإفريقيا.
لن يبعث العالم العربي مجده القديم إلا بعد إعادة رسم خريطته لتصبح واحات مستقلة تربطها طرق الحرير والتجارة. قد تضغط الطوائف العرقية واللغوية من أجل الاستقلال، وبلا شك يستحق الفلسطينيون والأكراد ذلك، وبعد فترة أخرى من التشرذم والانقسام، ستمثل تلك المجتمعات الجديدة ذات السيادة خطوة حاسمة في عملية طويلة لبناء استقرار عابر للقومية.
الدول الأضعف يجب أن تتكاتف معا في تجمعات إقليمية، وإلا فستخاطر بالتداعي خضوعا للمبدأ القديم قدم الدول: فرق تسُد
لا يمكننا فهم أي دولة خارج ذلك النظام المعقد حيث تتفاعل مع الآخرين في حلقات من التغذية والتغذية الراجعة (Feedback) . ادعى هيغل قبل قرنين من الزمان أن الدولة عمل فني، لا تشبه دولة الأخرى. ملاحظته تلك أصدق الآن من أي وقت مضى. الآن لا يهم شكل تلك الدول ولا جغرافيتها ولا نظامها السياسي، كما أن الدول الآن متصلة ببعضها أكثر من أي وقت آخر، ومن المرجح أنها ستظل على هذا الحال.
Comments